أيوب التميمي يكتب: لله يا دولة-السيد ..!!


أيوب التميمي يكتب: لله يا دولة-السيد ..!!

 

كتب/أيوب التميمي

تقول الحكاية يا اعزائي :"إنه في عام 1974 م قام فيليب زيمباردو ”أحد علماء النفس الكبار قرر أن يغوص في أعماق ودهاليز وظلمات النفس البشرية وبعد رحلة شاقة ومؤلمة تولد لديه يقين بأن هذه النفس البشرية حين تمتلك السلطة المطلقة، فإنها تأتي بأسوأ الأفعال على الإطلاق…

ولكي يصل إلى هذه النتيجة قام صاحبنا“ الدكتور ”بعمل تجربة خطيرة عرفت في علم الاجتماع السياسي بتجربة "سجن جامعة ستانفورد" وتعتبر هذه الجامعة من أعرق الجامعات في أمريكا، لا يلتحق بها إلى أولاد النخبة السياسية وأبناء البيوت العريقة الراقية،

الدكتور قام بتقسيم مجموعة من الطلبة مختارة ومنتقاة بعناية لمجموعتين، المجموعة الأول تلعب دورالمساجين والمجموعة الثانية تلعب دور السجانين.

وأختار الدكتور سرداب الجامعة والذي تمت تهيئته وتقسيمه ليبدو كسجن حقيقي، قام الرجل بإحكام تجربته لدرجة وصلت أن الطلبة السجانون والذين ارتدوا زي ضباط شرطة قاموا بالقبض على الطلبة المساجين من بيوتهم، واقتيادهم وهم مقيدون بالأصفاد إلى السجن المزعوم، وكانت القاعدة الوحيدة في التجربة الشاقة هي: لا قواعد ولا قوانين وعلي السجانين اتخاذ كل التدابير اللازمة كما يحلو لهم دون أي مساءلة من أي نوع بمعنى: أفعل ما تشاء وقت ما تشاء وبالطريقة التي تشاء،

وكانت النتيجة مروعة أثارت جدلا أخلاقيا واسعا، لا زال دائرا حتى اليوم، فلقد قام السجانون بأفعال مرعية ومليئة بالقسوة المفرطة تجاه المساجين الذين هم زملاؤهم بالأساس، حينها كان الدكتور يقوم بمراقبة ما يحدث عبر شاشات مراقبة ويرى كيف تحول هؤلاء الطلاب عيال الأسر الأرستقراطية إلى هذه الدرجة من الغلظة والقسوة المرعبة، رغم أنهم كانوا معروفين بأخلاقهم المهذبة والدينية والأخلاقية وهدوئهم النفسي وتفوقهم الدراسي...

الدكتور المسكين لما شاهد بشاعة التحول لهؤلاء الطلاب أوقف التجربة على الفور، وقال بعدها: كنت مهتما بأن أعرف ماذا يحدث إذا ما وضعت أشخاصا جيدين في مكان غير جيد هل ستتغير أخلاقهم أم أن الأشياء التي بداخلهم كمبادئ وأخلاق ستساعدهم على أن يرتقوا فوق البيئة السلبية”.

وقد تأكد له استنتاجه الذي أصبح موجودا في كل مراجع علم الاجتماع السياسي الآن وهو أن السلطة المطلقة تخرج أسوأ ما في النفس البشرية من تسلط وجبروت وفساد لا مثيل له"

-اليوم لدينا سلطه تلعب نفس التجروبة للدكتور" زيمباردو "جابت" أشخاص وعينتهم في كل مفاصل الدولة، منهم من أسر محترمة ومنهم من يحملون عقدة النقص، وأطلقت لهم العنان تحت قاعدة: ﴿تصرفوا بما يخارجكم وبالطريقة التي تشوفها مخارجه لكم﴾ في ممارسة المسؤولية بالشكل الذي أطلقه الدكتور“ زيمباردو ”على طلابه، فما كان من هؤلاء المسؤولين حقنا إلي أخرج جل الأمراض النفسية على عباد الله، ولم يراعوا فيه حقا ولا ذمة.

-لقد تفشت وبصورة غير مسبوقة شغل البلطجة والنجمة والفساد عيني عينك وأصبح دعي الموطن وسجنه دون مراعاة القوانين والأنظمة والإجراءات، وأصبح أي مسؤول كبير كان أو صغير هو الدولة والرئيس والقاضي...

-وأصبح الوزير أكبر من رئيس الوزراء، والمشرف أكبر من المحافظ، وكاتب في المحكمة أكبر من رئيس المحكمة، ومدير قسم شرطة أكبر من مدير الأمن، ومدير المكتب أكبر من الرئيس، في سلطة مطلقة دون قيود أو محاسبة ضاربين بالمرجعية التي يستمدون سلطتهم منها عرض الحائط...

-ومن خلالهم ،تفشت ظاهرة التسول... وأصبحنا كلنا متسولين، فينا اللي يتسول في الجولات، وأمام المطاعم والمقاهي، والمحالّ التجارية، وما أكثرهم
وفينا اللي يتسول الإنصاف والعدالة... وفينا التاجر ورجال الأعمال اللي يستولون الإنصاف من وزير الصناعة والتجارة، وفينا رئيس الوزراء الذي يتسول من رئيس الدولة وقف عبث الوزير... وفينا المحافظ اللي يتسول منحه الصلاحيات دون التدخل من المشرف العام ، وفينا اللي يتسول منصبا، وفينا اللي يتسول صرف رواتب، وفينا اللي يتسول شويت أمان،
وفينا الذي يتسول قليلا من الكرامة... وكلنا أصبحنا متسولين، وكلنا نتسول من بعض؛ وكلناواقفين على باب الله..لله يا دولة الاسياد..


-وفي دولتكم يا ساده أصبح حلمنا بسيط للغاية..فنحن لم نعد نطالبكم برفع الظلم وتحقيق العدالة، والمساواة – فقد هرمنا – لعله حلم أكبر من قدراتنا، بل غدونا نطالبكم ونحلم (بالعدالة في توزيع الظلم القهر) ربما هو الآن الحلم الوحيد الذي على مقاسنا فهل تحققون لنا مطلبنا بهذا الجاه“
ولله عاقبة الأمور!!...